كان مسجد تيشيت بولاية تكانت أول ما بناه مؤسسها الشريف عبد المؤمن بن صالح الإدريسي، واتخذه منبرا لنشر الإسلام وبث العلم، ومنه انطلق إشعاع تيشيت المعرفي وبفضله عرفت، فمعلمو تيشيت الأوائل بدءاً بالشريف عبد المؤمن درسوا ودرَّسوا في المسجد.
وضمن سلسلتنا لتعريف بمعالم ولاية تكانت؛ نسلط الضوء على مسجد تيشيت الذي اتخذ طابعه المؤسسي مبكراً، واقتصرت الإمامة فيه على آل الشريف عبد المؤمن، ومع مرور الوقت ترسخت الإمامة في فرع واحد من فروع أبنائه، وظل ذلك سارياً إلى وقت قريب، كما كان سائدا في كل قرى الصحراء.
وتعد وظيفة الحزب حلقة علمية مهيبة تعقد كل ليلة بعد صلاة المغرب لتلاوة ودارسة حزب من القرآن الكريم يقوم أحد القراء المعروفين بإتقان الرواية وجمال الأداء بقراءة آيات منه، ثم يقوم الإمام بتفسيرها، ثم يعلق من شاء التعليق من أهل العلم، وهكذا حتى يتم الحزب، ومع مرور الوقت أصبح الإمام ينيب غيره في قراءته وقد اختفت هذه الوظيفة منذ وقت.
أما وظيفة الحديث فهي عبارة عن موسم سنوي دأب عليه التيشيتيون من قديم الزمن، فيقرؤون صحيح الإمام البخاري خلال شهري رجب وشعبان، في جلستين يوميتين إحداهما تعقد ضحى بدار تعرف بدار الحديث، والثانية بعد الظهر تعقد بالمسجد.كما يحسن أن يكون حسن الصوت، وكانت قراءة صحيح البخاري والشفاء حكرا على أبناء الفقيه محمد مسلم، ويعتبر اليوم الأول من أيام قراءة الحديث واليوم الأخير منها أيام أعياد كبيرة يخرج إليها الجميع ويلبسون الثياب الجديدة، ويسمون اليوم الأول يوم "ارفود الحديث" واليوم الخير يوم "ختم الحديث"، وطوال الأيام الأخرى يحضر كبار الرجال والنساء وطلبة العلم جلسات الإقراء ولا يتغيب عنها في الغالب إلا صاحب عذر معروف.
وبخصوص؛ وظيفة المديح النبوي خلال شهر المولد النبوي الشريف، فهي ثابتة يجتمع لها الجميع ويتبارون في إنشاد المدائح النبوية المختلفة وخصوصا تخميس ابن المهيب لعشرينيات الفزازي، ومدائح البصيري ومدائحيات محلية.
ووظيفة إنارة المسجد وهي وظيفة دينية كبرى وشرف عظيم لما يحظى به صاحبها من توفير الإنارة لزوار بيت الله وخدمته، وهي خاصة بأبناء الحاج عثمان.
من جهة أخرى؛ كان المسجد أيضا مقرا لاتخاذ القرارات ذات الصبغة الشرعية مثل تحديد المكاييل والأوزان.