عندما يُطل علينا إنسان عادي وغير مُطَّلِع في هذا الظرف بالذات الذي تحققت فيه تسوية المسار الوظيفي لعدد كبير من المتعاونين؛ خاصة في مجالي الإعلام العمومي والطاقة تحديدا الكهرباء؛ الذين ظلت وضعيتهم مزرية وظالمةلعقود من الزمن رغم صبرهم عليها وعلى عاديات الزمن حتى أتاهم فرج الله بالخلاص والتسوية على يد فخامة رئيس الجمهورية؛ سنقوله له أقصِر، فما بالكم إن كان مصدر الكلام نائب برلماني وليس كأي نائب؛ إنه زعيم حركة إيرا والمرشح الرئاسي الحائز على المرتبة الثانية في آخر استحقاقين رئاسيين.
لقد وعينا كثيرا وحفظنا عن ظهر قلب كل عبارات الشكر والمدح والتمجيد التي كانت تصدر عن النائب برام تُجاه الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، والتي ظهر فيما بعد أنمقصده كان مجرد إطراء؛ ترى ما الدافع وراء ذلك؟
إن المدح سلوك قديم؛ قِدم الإنسان، وهو تعبير بسيط عنالرضا والإعجاب بالممدوح، لكن عندما يتحول ذلك المدح إلى ضده أو يظهر أنه كان مجرد إطراء؛ فللأمر علاقة بالخفايا والنيات، خاصة إذا ظل الممدوح على حاله دون تغيير!!، سواء كان ذلك تبعا لثوابت خفية هي المحرك الأساسي لمصدر المدح من قبيل الطمع بالظفر بامتياز مادي أو معنوي، أو كانت له محركات أخرى ترتبط بالخوف من ذي بطش أو طمعا في ذي إكرام زائد؛ أو غير ذلك مما ينبئ عن خبث طوية واهتزاز في المبادئ التي تسير قهرا خلف النزعة المزاجية وإن لأتفه الأشياء، وكل هذا التذبذب لم يؤلف في مجتمعنا الذي يتبنى كل المسلمات الأخلاقية التي منها أنه ( عيب اعل فم اشكر يعيب).
اعتقد جازما أن من تصدر للشأن العام عليه أن يتسلح بالثبات على الموافق السليمة وأن تكون تلك المواقف مدعمة بالصدق؛ فالصدق منجاةٌ، ويؤسس لها على توخي النفع الشامل للبلاد والعباد، ولا يسعفها أبدا أن تسقى فقط ببخار التمني الذي يتخذ لبوسا من حب الحظوة الشخصيةعلى حساب الجوامع الوطنية؛
وكلنا يعلم يقينا أن تكرار كلام العوام لأمر ما من قبيل أنت الرئيس الفعلي الناجح لا يُصيِّر عدم النجاح نجاحا، ولا يجعل الليل بدل النهار أبدا، فلكل أمر تجلياته، وعين الحقيقة لا تستقى من هذيان شذاذ الآفاق على آذان جُلاسهم حتى وإن كانوا بحجم مرشح رئاسي حاز المركز الثاني، فالأمر لا يعدوا كونه تطييبَ خاطر ممن تزلف إلى نصرة لم يهدَ بعد إلى صاحب فتكتها البكر التي مازال صداها تنتشي منه النفوس، وتُشنف الآذان من الإشادة به ردا للجميل على كامل الإنصاف وكريم الاعتبار.
إن فكرة أنا أو الطوفان فكرة واهية في زمن التآزر والتعاضد والتشاركية، ومن نذير الفشل أن تظل مرفوعة في مكان ما، أو على هامة معينة، فالعمل السياسي اليوم لا يكتب له النجاح إلى باعتبار الندية بين المشتركين في قيادة أي مشروع سياسي ولنا في الجارة الجنوبية مثال حسن؛حسم الانتخابات الرئاسية الماضية..
إن من المآخذ الجلية على النائب برام كونه لا يرى بديلا عن نفسه، ولا عديلا له في رفقاء مشروعه السياسي، ويظهر ذلك في الخطاب، والتعامل، وتقدير الأمور، وتداول القضايا،وكل شيء، فهم عنده كأنما على رؤوسهم الطير، وهو إن خاطبهم زمجر؛ وإن استمعوا له ابتسموا في خشوع لو أنهم فعلوه في صلاتهم لكانوا أهدى سبيلا، ومعروف أن من مهلكات السلطان أن يستبد برأيه دوما على جلسائه، ومن نافلة القول أن ذلك أيضا من المهلكات لطالب السلطة الذي لم ينلها بعد.
أخيرا على كل من يحاول استعطاف الشعوب من أجل أن يقودها، مهما كانت وسيلته إلى ذلك؛ عليه أن يلتصق بالأرض أولا، وأن يقلل من تزكية نفسه، وأن لا يغتر بكثرة ضجيج المتحلقين حوله، وليقدم للأمة ما ينفع الناس ويمكث في الأرض؛ لفظا وغاية، قيمة ومعنى، رسما ومبنى.